الكاتبة: أحلام أحمد بكري
حين تتفتح عيناك صباحاً وأنت في يراع الطفولة تجد إشراق الصباح أكثر وضوحاً ونسماتهُ أرق شفافية والانطلاقة للحياة شغف عميق.
كان يومًا مميزًا في حياتي الطفولية، فاليوم سنمتلك سيارة ونجرب الصعود بها كما وعدنا أبي، لأول مرة في حياتي أصعد سيارة..؟
كيف سيكون الشعور والانطباع..؟
لن يكون سوى الفرح والمغامرة لطفلة الخامسة، كان ذلك عام ١٣٩٨هـ ١٩٧٨م، على حدود العاشرة صباحاً أنا وإخوتي نقف على حافة الشارع في انتظار الوالد، يلفحنا لهيب شمس الصيف الحارقة، لا نكترث فلهيب الشوق للوالد حجب حرارة الشمس.
جاءنا أبي الحبيب بسيارة بيضاء اللون، وبما أنني صغيرة السن لم أعرف نوعها، ولكن سمعت أخي الأكبر يقول أنها بيجو، وقبل أن يقف بها بشكل كامل هرعنا قفزاً إليها.
والدي يضحك كعادته ونحن نتلمس أجزاء السيارة، نريد أن نكتشف كل ما بها في لحظة واحدة، صُراخنا يعلو بمجرد أن قام أبي بالسير بها، اتجهنا لنوافذ السيارة لمشاهدة الشارع والتلويح للمارة.
كنا ننادي كل من بالحي باسمه ملوحين له بأن لدينا سيارة، إنها سيارة أبي الجديدة، وهم يبادلوننا الضحك والابتسامة والمباركة.
قفزتُ في مقعد أبي أريد قيادتها معهُ، فاحتضنني بلطف وأجلسني بهدوء على جانبه الأيسر، فكنت كمن امتلك شيئين ثمينين، مقود السيارة ونافذة أبي، أصبحتُ ملكة بين ذراعي أبي، فما الجنّة غير ذراع أبي.
وعلى صوت جهاز تسجيل السيارة الذي لن أنساه أبداً، فقد ارتبط بتلك اللحظة وما زال مرتبطًا بأنغام عملاقنا الفنان أبي بكر سالم (يا مسافر على الطايف طريق الهدى، شوف قلبي من البارح معك ما هدى) انطلقنا في أول رحلة بسيارة أبي نجوب شوارع مدينتا الساحلية الرقيقة، ونحنُ في قمةِ بهجتنا.