المغتربة الجزائرية بفرنسا: نعيمة معروف
لا يمكن الحديث عن مستقبل القضية الفلسطينية دون التوقف عند دور المملكة العربية السعودية .. فالسعودية ومنذ تأسيسها وحتى اليوم تعتبر القضية الفلسطينية على أنها قضية مركزية تمس هوية الأمة العربية والإسلامية بأكملها.
في ظل تعقيدات الواقع الدولي وتغير موازين القوى برزت السعودية كقوة سياسية واقتصادية تسعى إلى إعادة صياغة المشهد الإقليمي عبر مقاربة تقوم على العدالة والاستقرار، ولعل أبرز ما يميز هذا الدور هو تمسكها الثابت بحل الدولتين كخيار استراتيجي لا غنى عنه لإرساء سلام عادل وشامل عن طريق إطلاق مبادرات السلام، نذكر هنا مبادرة السلام العربية عام 2002 لم تكن مجرد خطوة دبلوماسية تقليدية بل كانت رؤية متكاملة وضعت أسساً عملية لتحقيق السلام: استناداً إلى حدود عام 1967، إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية وتطبيع كامل للعلاقات مع العالم العربي في حال تحقيق هذه الشروط، هذه المبادرة ما زالت حتى اليوم مرجعاً معترفاً به في كل المحافل الدولية وتشكل برهاناً على أن المملكة قادرة على صياغة حلول تتسم بالواقعية والشمولية.
وفي السنوات الأخيرة ومع التحولات التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أصبح الدور السعودي أكثر وضوحاً في التأكيد على أن الاستقرار الإقليمي لا يمكن أن يتحقق دون حل عادل للقضية الفلسطينية.
من خلال تحرك السعودية على عدة مستويات منها السياسية عبر الاتصالات المباشرة مع الدول الكبرى وحشد الدعم للدفاع عن الموقف الفلسطيني في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية وكذلك على المستوى الأقتصادي من خلال الدعم المالي للفلسطينيين والمساهمة في مشاريع تنموية تعزز قدرة الدولة الفلسطينية المستقبلية على النهوض بواقع البلد.
ما يميز الموقف السعودي عن غيره
السعودية ليست مجرد دولة غنية أو صاحبة نفوذ اقتصادي عالمي بل هي أيضاً مركز ديني وروحي للعالم الإسلامي. هذا البعد يمنحها ثقلاً خاصاً في القضية الفلسطينية، ويجعل من رؤيتها أمام المجتمع الدولي أكثر قوة وتأثيراً، كما أن سياستها المتوازنة التي تجمع بين الواقعية السياسية والتمسك بالثوابت، جعلتها طرفاً يحظى بالاحترام من مختلف الأطراف، وقد تم الاعتراف بدولة فلسطين بالمؤتمر المنعقد في جمعية الأمم المتحدة لأكثر من ١٥٠ دولة وهذا نتاج عمل دؤوب لسنوات طويلة.
وفي الختام يمكن القول إن المملكة العربية السعودية تعاملت مع القضية الفلسطينية كقناعة راسخة نابعة من إدراكها أن السلام العادل هو المدخل الحقيقي لاستقرار الشرق الأوسط. ومع ما تشهده المنطقة من تحولات كبيرة يبقى دور السعودية محورياً في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية وفي صناعة مستقبل لا يقوم على النزاعات، بل على التعايش السلمي والتنمية المشتركة، كل ما ذكر أعلاه ليست مجرد مواقف تسجل في بيانات رسمية بل هي رؤية متكاملة تسعى لصناعة التاريخ عبر إنشاء دولة فلسطينية مستقلة يعيش شعبها بسلام وأمان.