نعيمة معروف الجزائرية
للوطن حُب لا يشبه أي حُب ..حُب يولد في الفطرة ويكبر مع الأيام وحب المملكة العربية السعودية ليس حكراً على أبنائها وحدهم، بل يسكن في قلب كل عربي وفي قلب كل مسلم يوجه وجههُ كل يوم نحو الكعبة المشرفة فهي مهبط الوحي ومنطلق الرسالة وقبلة المصلين ودرع الأمة وحصنها.
لم أعش يوماً في المملكة لكنني أشعر دائماً أن لها في قلبي مكانة خاصة كلما جاء يومها الوطني أجد قلمي يسبقني شوقاً ليكتب عنها وكأن الاحتفال بها واجب شخصي قبل أن يكون مناسبة وطنية.
يوم 23 سبتمبر من كل عام ليس مجرد رقم في التقويم بل إنهُ يوم مجيد حُفر في الذاكرة يوم وحّد فيه الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – رحمه الله – أرجاء البلاد تحت راية التوحيد بعد كفاح طويل وإصرار لا يعرف الانكسار، لم يكن الطريق سهلاً لكنهُ كتب بعرق الرجال وتضحيات الأبطال ومنهُ بدأت قصة وطن اسمه اليوم المملكة العربية السعودية.
ومنذ ذلك التأسيس توالت عهود الملوك الذين حملوا الأمانة بكل صدق الملك سعود ثم الملك فيصل والملك خالد والملك فهد والملك عبدالله – رحمهم الله جميعاً – كل واحد منهم ترك بصمة وأكمل الطريق بعزم وإيمان، واليوم تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز تواصل المملكة مسيرتها نحو المجد بثبات وحكمة ويقف إلى جانبه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي يقود نهضة استثنائية غير مسبوقة في تاريخها.
لقد قدّم ولي العهد رؤية شجاعة للعالم، هي رؤية السعودية 2030 رؤية لم تكتفِ بالشعارات بل تحولت إلى واقع ملموس من المشاريع العملاقة والتحولات الاقتصادية الكبرى وتمكين الشباب والمرأة والانفتاح على العالم في مجالات السياحة والاستثمار والثقافة كل ذلك جعل المملكة محط أنظار العالم، ومركز ثقل سياسي واقتصادي وحضاري.
ولم تكن النهضة العمرانية وحدها ما ميّز هذه المرحلة بل كانت هناك نهضة في الفكر والوعي وتحديث في القوانين وتطوير في التعليم والصحة ومشاريع إنسانية وخيرية امتدت من داخل المملكة إلى خارجها، لتؤكد أن السعودية لا تفكر بنفسها فقط بل تحمل هموم الأمة والعالم معها.
إن المملكة اليوم تقف شامخة تجمع بين الأصالة والمعاصرة أصالة الجذور التي لا تتخلى عن دينها وهويتها ومعاصرة الحاضر الذي يجعلها في صدارة الدول، إنها رحلة من الصحراء إلى المدن الحديثة، من الخيام إلى الأبراج، من بدايات متواضعة إلى طموحات تعانق السماء.
ولذلك فإن الاحتفال باليوم الوطني ليس مجرد تذكار لماضٍ مضى بل هو تجديد للعهد مع الحاضر والمستقبل، هو دعوة لكل سعودي وسعودية أن يرفعوا رأسهم عالياً ويحملوا علمهم بفخر ويستحضروا بطولات المؤسس وجهود الملوك ورؤية ولي العهد التي جعلت المملكة على أبواب مرحلة تاريخية جديدة.
وفي هذا اليوم العظيم نقول للمملكة قيادةً وشعباً، كل عام وأنتم بخير، كل عام وأنتم في عزّ ورفعة، وكل عام وأنتم فخر العرب والمسلمين، تصنعون التأريخ بأيديكم وتثبتون أن القمم لا تُعطى هدية .. بل تُنال بعرق الرجال وصبر الأجيال.