الكاتبة: أحلام أحمد بكري
من همهمات التسبيح، بأصوات المصلين فجراً بأزقتها، إلى صياح ديك الحارة، مُعلناً فجرها الندي، هكذا تستيقظ حواري الشاميّة من حافتها لمصطاحها لحشوة بني حُنين، مستقبلة مع بزوغ فجرها خطوات الصياديين، على أكتافهم خيرات البحر بالصيد الثمين، بعد جولات الصيد الليليّة.
عبق البحر ممزوج بخيوط الصباح يُعلن انبلاج الحياة بيوم جديد.
خطوات تتسارع لتنال حظها من (صفارة الصبح) بخيارات محدودة، مطبق ومخلوطة أو فول وكسرة خبز، وكلاهما نعمة من الله وفضل.
تتسلل رائحة الحطب المحترق، وتنبعث أدخنة (الموافية) في كل منزل من حواري الشاميّة؛ إيذاناً ببدء رحلة إعداد طعام، فالسمك طازج وعجين البر حاضر.
تتعالى أصوات الأطفال في أزقة الشاميّة باللعب والأهازيج والركض خلف بائع الحلوى والنارجيل والسمسم والدندورما.
أطباق الطعام يتم تداولها بين الجارات عبر مدارج صغيرة، مخصصة للزيارات النسائيّة وتبادل الأغراض أثناء الطبخ وبعدهُ.
وبعد قيلولة الظهيرة ، يشرع أهالي الشامية بالاستعداد لوقت الأصيل.
فالسيدات يجنين ويقطفن ردائم الفُل بعد الانتهاء من ترتيب المنزل؛ استعداداً للخروج عصراً وتبادل الزيارات.
بينما الرجال يتجاذبون أطراف الحديث ويلعبون (الكيرم) على كرويت الشاطئ.
وأطفال الحارة يتجهون لدكاكين الشاميّة الصغيرة لشراء البطاط المسلوق مع البليلة والحمر، ويستأنفون لعبهم الجماعي.
وعند المغيب وبعد الفراغ من صلاة المغرب يحلو السمر بالمنازل، واجتماع العوائل على شاشة التلفاز، أو صوت أم كلثوم، وأخبار العالم عبر المذياع.
تهجع طرقات الشامية وحواريها بعد صلاة العشاء؛ لتغفوا وتدخل في سُبات عميق، مُعلنة انتهاء يومها الجميل، حالمة بيوم جديد.