الكاتبة: أحلام أحمد بكري
كفل ديننا الإسلامي للعمل المهني أخلاقيات تشمل مجموعة من المبادئ والقيم التي تحكم سلوك الفرد في العمل، بهدف تحقيق العدل والإتقان والتعاون، من أهم هذه الأخلاقيات:
-(الإخلاص) يجب أن يكون العمل خالصًا لوجه الله، مع الالتزام بالصدق والأمانة، قال تعالى: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) التوبة ١٠٥
-(الإتقان) يُطلب من المسلم إتقان عمله، والحرص على تقديم أفضل ما لديه، قال تعالى: (وأحسنوا إن الله يحب المحسنين) [البقرة:95] وقول النبي صلى الله عليه وسلم: “إن الله كتب الإحسان على كل شيء” رواه مسلم.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: “أصلحوا وأحسنوا إن الله يحب المحسنين” رواه أبو داود، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: “إن الله عز وجل يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه” رواه الطبراني، وعلى هذا فإتقان العمل وإحسانه فضل عظيم.
-(الأمانة) واجب على الفرد في عمله أن يتقي الله وأن يؤدي الأمانة بغاية الإتقان وغاية النصح؛ يرجو ثواب الله ويخشى عقابه، ويعمل بقوله تعالى: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) [النساء:58]. يجب الحفاظ على حقوق الآخرين وعدم الخيانة في العمل.
-(العدل) يجب التعامل بعدل وإنصاف مع الجميع، سواء مع الزملاء أو العملاء وإعطاء الناس حقوقها في العمل، قال سبحانه وتعالى: ﴿وأوفوا الكيل والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين﴾[هود:85].
-(التعاون) يُشجع ديننا الإسلامي على التعاون ومساعدة الآخرين في العمل فقد حث الإسلام على التعاون؛ لما فيه خير للدنيا والآخرة، قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى) {المائدة:2} وقال عليه الصلاة والسلام: “المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً” رواه مسلم.
-(الالتزام بالوقت) وجاء الحث على المسابقة في تحصيل الخير استغلالا للوقت في نحو قوله تعالى: (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ) {البقرة: 148}.
وقوله تعالى: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) {آل عمران:133}.
حث ديننا الإسلامي على الحرص على الوقت التأكيد على ضرورة اغتنامه، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اغتنم خمسا قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك»رواه السيوطي في الجامع الصغير وقال الألباني: صحيح.
يجب احترام الوقت وعدم التأخير أو إضاعته.
-(الابتعاد عن الغش) يحرم الإسلام الغش بجميع أشكاله، ولقد ذمّ الله عزّ وجلّ الغش وأهله في القرآن وتوعدهم بالويل، فقال تعالى: { وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينْ . الّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُون . وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} (المطففين:1-3).
وقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: “من غشنا فليس منا” ولأنه خيانة، والله يقول جل وعلا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [الأنفال:27].
-(التواضع) يجب أن يتجنب العامل الكبر والغرور أثناء العمل ومزاولة مهنته، من وصايا لقمان لابنه وهو يعظه في قوله تعالى: (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ)(لقمان:18).
وقال صلى الله عليه وسلم:(إن الله أوحى إليَّ أن تواضعوا ؛ حتى لا يفخر أحدٌ على أحدٍ، ولا يبغي أحد على أحد) [رواه مسلم]. وقال صلى الله عليه وسلم: (ما نقصتْ صدقةٌ مِن مال، وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عِزًا، وما تواضع أحدٌ لله إلا رفعه) [رواه مسلم].
-(المسؤولية) يجب تحمل المسؤولية والالتزام بالواجبات، فيما رواه ابن عساكر وابن نعيم عن أبي هريرة: «إن من الذنوب ذنوباً لا يكفرها الصلاة ولا الصيام ولا الحج ولا العمرة، يكفرها الهموم في طلب المعيشة» أي الإحساس بالمسؤولية والسعي في الكسب الحلال قصد التعفف.
-(الرحمة واللين) يُفضل التعامل بلطف ورحمة مع الآخرين عامة وأثناء العمل بشكل خاص، وعن عائشة رضي الله عنها: أَن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: “إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفقَ، وَيُعْطِي على الرِّفق ما لا يُعطي عَلى العُنفِ، وَما لا يُعْطِي عَلى مَا سِوَاهُ” رواه مسلم، وعنها: أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: “إِنَّ الرِّفقَ لا يَكُونُ في شيءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلا يُنْزَعُ مِنْ شَيءٍ إِلَّا شَانَهُ” رواه مسلم.
عن أنس بن مالك أَن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: “يَسِّرُوا وَلا تُعَسِّروا، وَبَشِّرُوا وَلا تُنَفِّرُوا” متفقٌ عَلَيْهِ.
عن جرير بن عبدالله يقول سمعتُ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقُولُ: “مَنْ يُحْرَمِ الرِّفْقَ يُحْرمِ الخيْرَ كُلَّهُ” رواه مسلم.
هذه المبادئ الإسلامية إذا تحققت في بيئة العمل، تعزّزها بشكل إيجابي كبير وتحقق النجاح والسعادة والرضا في الدنيا والآخرة.