✍️ سلوى راشد الجهني
في لحظة غضب، قد تتحول المودة إلى أذى، والشراكة إلى صراع، والبيت الذي يفترض أن يكون سكنًا إلى ساحة صراخ أو ضرب أو صمت قاسٍ.
العنف الزوجي لا يرتبط بجيل أو بيئة فقط، لكنه يبلغ ذروته – حسب ما أثبتته الدراسات – في مرحلة عمرية محددة تُسمى بمرحلة التأسيس: من 25 إلى 39 سنة.
فلماذا تُصبح أجمل سنوات الزواج، هي الأخطر؟ وما دور الأسرة والمجتمع لحماية هذه الفئة؟
أولًا: من يضرب من؟ – نظرة رقمية (إحصاءات 2024) وفقًا لتقرير هيئة حقوق الإنسان السعودية (2024):
64% من حالات العنف الزوجي تحدث بين عمر 25 و39 عامًا.
النساء يمثلن 86% من الضحايا.
وتُسجّل أعلى نسب العنف في السنوات الخمس الأولى من الزواج.
كما كشفت دراسة من جامعة الملك سعود (2023):
نسبة المعتدين بالعنف الجسدي:
43% في عمر 30–39 سنة
35% في عمر 20–29 سنة
16% في عمر 40–49 سنة
6% في عمر 50 فما فوق
ما يعني أن قرابة 4 من كل 5 حالات عنف زوجي تحدث في عمر التأسيس، أي من 20 إلى 39 عامًا.
ثانيًا: الزوجة التي تضرب زوجها – حقيقة لا تُنكر
رغم أن المرأة هي الطرف الأكثر تعرضًا للعنف، إلا أن بعض الحالات تُظهر عكس ذلك:
دراسة مجلة “العلوم الاجتماعية” – جامعة أم القرى (2023):
“8% من بلاغات العنف كان الزوج فيها هو الضحية، غالبًا بسبب العنف اللفظي أو النفسي من الزوجة، في فئة عمرية تتراوح بين 25 إلى 35 عامًا.”
هذه الحالات ترتبط غالبًا بعلاقات يسودها الاضطراب، وغياب الاحترام المتبادل، أو تراكمات من الإهمال وسوء التفاهم.
ثالثًا: لماذا ترتفع نسبة العنف في هذا العمر؟
أهم الأسباب:
1. ضعف النضج الانفعالي والعاطفي في بداية الزواج.
2. ضغوط مالية ومهنية متزامنة مع مسؤوليات جديدة.
3. توقعات خيالية تصطدم بواقع الحياة.
4. تدخل الأهل وعدم استقلالية القرار.
5. غياب التهيئة النفسية والشرعية لحياة زوجية متوازنة.
6. نشأة أحد الزوجين في بيئة عنيفة، فيُكرر ما عاشه.
رابعًا: عنف يُورّث العنف
تقرير مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني (2021):
أكثر من **40% من المعتدين على أزواجهم أو زوجاتهم نشأوا في أسر مارست العنف أمامهم وهم أطفال.
وهذا يوضح أن العنف لا يولد فجأة، بل يُزرع منذ الطفولة… في مشهد صراخ، أو نظرة خوف، أو يد مرفوعة.
خامسًا: ما الحل؟ – الوقاية خير من المعالجة
✅ أهم التوصيات لحماية فئة 20–39 سنة من العنف الأسري:
1. فرض دورات تأهيلية إلزامية للمقبلين على الزواج.
2. إدراج مهارات إدارة الغضب والحوار ضمن مناهج التعليم العالي والثانوي.
3. إطلاق برامج دعم ومتابعة للأزواج الجدد خلال أول 3 سنوات.
4. توعية الأهل بمخاطر التدخل السلبي في الحياة الزوجية.
5. تعزيز ثقافة التبليغ والحماية، وتجريم السكوت عن العنف.
6. إبراز القدوات الإيجابية والنماذج الزوجية المتزنة في الإعلام.
ختاماً ليس العمر هو من يضرب… بل الجهل، والغضب، والموروث المشوّه، لكن للأسف، تُهدَر أجمل سنوات العمر حين نفتقد للحكمة، ونغفل عن التربية، ونُقصي صوت العقل.
فلنمنح أبناءنا وأزواجنا بين العشرين والأربعين أدوات النجاح لا فرص الصراع، ولنُبدّل معادلة:
“في عمر الحب… يُؤذى الشريك”
إلى:
“في عمر الحب… نؤسس بيتًا آمِنًا وناضجًا”