أ.د محمد بن ناصر البيشي
في أمور الحياة تسمع قصصًا وحكايات وأشعارًا تظنها وهمية أو من نسج الخيال يرويها من خاض تجربة مختلفة عن التجارب التي تعرفها واعتدت عليها.
ويشاء الله أن تحصل لأحدنا، أو يكون شاهدًا عليها وحينها تتعلم شيئا من فن إدارة ردة الفعل، ومن ذلك ترك هامش للقبول والرفض؛ والتصديق والإنكار؛ وإضافة طاقة صبر وسعة صدر إضافية.
وبعيدا عن رأي العلماء والمختصين نورد عينة من آراء لشراء في الحياة والشأن العام.
مما ورد في الشعر ومن ذلك ما يلي:
(1) تقلبات الحياة من القوة للضعف؛ ومن الغنى للفقر؛ ومن العز للذل؛ ومن السلم للحرب؛ والعكس صحيح ومما قيل في تقلبات الحياة قصيدة أبي البقاء الرندي:
هِيَ الأُمُورُ كَما شاهَدتُها دُوَلٌ
مَن سَرّهُ زَمَن ساءَتهُ أَزمان
(2) تبادل المشاعر حيث يظن البعض أن العلاقات بين الناس علاقات تبادلية ومن ذلك قولهم: ” القلب على القلب شاهد” ولكن الإمام الشافعي له رأي مختلف ضمنه بيت شعر فيه يقول:
فَما كُلُّ مَن تَهواهُ يَهواكَ قلبه
ولا كُلُّ مَن صافَيتَ بالود لَكَ صفا
(3) متلازمة الثابت والمتغير حيث الركون للواقع والاعتقاد باستمراريته، أو العكس وفي ذلك يقول الشاعر:
خَرَجنا مِنَ الدُنيا وَنَحنُ مِنَ أهلِها
فَلَسنا مِنَ الأَمواتِ فيها وَلا الأَحيا
(4) وقوع الظلم وكما ورد الظلم ثلاثة أنواع: الظلم الذى لا يُغفر كالشرك بالله، وأما الظلم الذى يغفره الله فظلم الرجل نفسه فيما بينه وبين الله، وأما الظلم الذى لا يدعه فالمداينة بين العباد
ورغم أن الظلم بكل أنواعه كريهة وهناك من يرى أن من شيم النفوس العدل لا الظلم.
إلا أن للشاعر رأى تضمنه قوله:
والظلم من شِيَمِ النّفوسِ
فإن تجد ذا عِفّةٍ، فلعلّةٍ لا يَظلمُ.
حيث برأي شاعر أن الظلم جزء من طبيعة الإنسان، وأن من لا يظلم قد يكون لديه ما يمنعه عن ذلك، مثل الخوف أو العجز.
(5) غريزة الحب وما قيل حولها وهل هي غريزة تحت السيطرة أم خارجة عنها؛ وهل هي سلوك أو محرك؛ وهل يمكن أن تعيش بدونها أم لأغنى عنها وللشعراء آراء في الحب من أطرفها قول الشاعر:
الحب في الأرض جزء من تخيلنا
لو لم نجده عن الأرض اخترعناه
وفي الحب تفاصيل كثيرة لكن حفاظا على وحدة الموضوع ركزت على ما شد انتباهي من آراء الشعراء وردت في قصائدهم.
(6) صفة الغيرة وما قيل عنها من آراء تؤكد وجودها أو تنكره؛ ومن آراء ترشد لحسن إدارتها.
ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر قول الشاعر قيس بن الملوح في حبيبته ( ليلى العامرية:
أغارُ عليها من أبيها وأمِها
إذا حدّثاها في الكلامِ المُغَمغَمِ
أغارُ عليها من أخيها وأختِها
ومن خُطوةِ المسواك إن دار في الفم.
(7) الصراع والحروب والنزاعات وما ورد حولها من شعر الفخر والتأييد أو الدعوة إلى الصلح أو تفسير وفهم سيكولوجية الحرب، ومن الآراء التي وردت في الشعر عن الحروب والقتال ما قاله الشاعر الجاهلي:
وأحياناً على بكر أخينا
إذا لم نجد إلاّ أخانا
(8) تحمل الشدائد والهموم وكيفية التعامل معها وحسن إدارتها والصبر عليها وللشعراء مشاركات تحظى بالمصداقية ومن ذلك أبيات لشوقي منها:
” صبراً على الدهرِ إن جلت مصائبهُ إن المصائبَ مما يوقظ الأمما.
(9) السفر وللسفر مؤيد ومعارض؛ وفي السفر منافع ومضار؛ ومن المسافرين من خرج ولم يعد وللسفر أهداف وأنواع وجوانب اقتصادية، وللشعراء آراء حول السفر منها رأى الامام الشافعي:
“سافر ففي الأسفار خمس فوائد، تفريج هم واكتساب معيشة وعلم وآداب وصحبة ماجد.
(10) التعصب الرياضي وهل هو إيجابي أم سلبي وآثاره وأسراره، وما يدور حوله من آراء، وخصوصا آراء الشعراء ومن ذلك:
إن التعصبَ نَكبةٌ ورزِيَّة
تمحو جميع الصالحات وتشطبُ
وتنافر الأرواحَ بعد إخائها
وتهدم الودَّ الصحيحَ وتخربُ.
إن لآخرين من غير الشعراء آراء وفتاوى في جميع النقاط أعلاه إلا أن هذا المقال مقصور على آراء الشعراء سواء تتفق معها كليا أو جزئيا أو حتى ترفضها، وتوجد نقاط أخرى كذلك لكن اخترت فقط عينة لحضور الشعر والشعراء في حياتنا ومصالحنا المرسلة.
سأظل أنتقِد التعصبَ جاهدًا
حتى يُظَنَّ بأنني متعصبُ
إن التعصبَ نَكبةٌ ورزِيَّة
تمحو جميع الصالحات وتشطبُ
وتزين الأمرَ القبيح وتدَّعي
إن المحرمَ للمصالح يندبُ
وتورِّط الورعَ المراقبَ ذا التقى
وتنافر الأرواحَ بعد إخائها
وتهدم الودَّ الصحيحَ وتخرب