أ.د محمد بن ناصر البيشي
الغي” كلمة تحمل معنى سلبياً، وتشير إلى الضلال والهلاك والبعد عن الطريق المستقيم وقد وردت في سورة البقرة آية (256)
{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.
ومن تطبيقات ثقافة الغي للتوضيح من أحوال القرار على عدد من القرارات التي يتخذها الإنسان السوي بمحض إرادته.
– ويكون أمامه خياران، أحدهما صحيح والآخر خاطيء، ويختار الخيار الخاطيء مع علمه بتبعاته المؤلمة، ويعجز حتى عباقرة العلم عن تفسير هذه الحالات؛ ولكنه يقرر بأنها حالات تحصل وتتكرر ومن أمثلة ذلك ما يلي:
(1) الإلحاد: والعياذ بالله غي؛ وهلاك واختيار سيء يفسد على الإنسان دنياه وآخرته.
(2) السادية والتلذذ بالأذى: حيث يوجّه البعض قدراته لإيذاء الآخرين وإيلامهم بالاعتداء على ضروراتهم الخمس (النفس؛ الدين؛ المال؛ العرض؛ العقل) ومنهم من يسمون أنفسهم الهاكر الذين يسلبون أموال الناس بالباطل ويسلبونهم الطمأنينة والأمن وجودة السفر، ويحسبون أنفسهم أهل موهبة وهم أهل غي.
(3) إشعال الحروب: لأسباب شريرة يزينها لهم الشيطان؛ ويحيطون الحروب والقتل والدمار بهالة من تزيين الباطل وهو الغي الأشر، “وطبيعي أن تكون بعض الحروب مقدسة ومبررة مثل: الحروب الوقائية أو الدفاعية عن النفس، ولكن حديثي عن حروب الغي والعدوان”.
(4) الغش والتدليس؛ وخصوصا في الغذاء والدواء وبدلا من تقديم غذاء ودواء نافع، ويكسبون بالحلال يختارون الغي؛ ويغشون في الغذاء والدواء ومن أمثلة ذلك بيع الخضار الملوث بالكيماويات؛ وصرف الأدوية منتهية الصلاحية.
(5) تعطيل سنن الحياة: مثل تعطيل شعيرة الزواج؛ والترويج للشذوذ؛ وتهوين العنوسة والطلاق؛ وتأخير النسل وذلك من الغي الذي يهلك الحرث والنسل.
(6) تلويث البيئة: ومن صور الغي في هذا المحور: إزالة الجبال بدون ضرورة وترك خيارات فتح أنفاق للطرق؛ ومن ذلك البناء في الأودية؛ ودفن النفايات النووية بطريقه خاطئة؛ وتلويث البيئة؛ والصيد الجائر؛ وإزالة الغطاء النباتي.
(7) تعاطي المخدرات ومذهبات العقل التي تفسد على الإنسان حياته كلها بدء بفقدان الوظيفة؛ ثم فقدان المال؛ ثم فقدان المروؤة؛ وفقدان الصحة؛ والعجز والشقاء اللامتناهي.
(8) هدم اللذات: ومن ذلك الحسد والنكد؛ والتشدد؛ ومنع الخير؛ والإفساد بين المرء وزوجه، واللوم الزائد؛ والتشكي على من ليس بيده حيلة؛ وشيطنته كل شيء. والغلو في العتاب وأخذ الحقوق، والتوقيت السيء، في مناقشة الموضوعات بدافع الغي.
(10) إشاعة ثقافة الخوف: ومن ذلك ترويع الناس؛ والتنبؤات المتشائمة؛ وإحياء أخطاء الماضي وتقمص دور الشيطان كما نصت الآية (268) من سورة البقرة: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ ۖ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}.
الخلاصة؛ ادفع بنفسك إلى الخيارات النافعة، وابتعد عن الخيارات الضارة فذلك ما سميته اصطلاحا بثقافة الغي.