الكاتبة: أحلام أحمد بكري
المشاهد ملونة، متعددة الظروف والمشاعر، وأصناف من البشر بعضها مكرر، والبعض يلمس بك شيئا غريبًا، بمجمله جديد وحديث عهد بك، والحياة تسير ونحن معها قلباً وقالباً مع العجلة ندور.
مشهد مؤلم؛ أن تجد في صالة انتظار سيدة طاعنة في السن تقف وشابة تجلس على الكرسي شَغلت بهاتفها النقال وفُصلت عن العالم دون أن تكترث بمن حولها، ولم تكلف خاطراً بمساعدة من هي أكبر منها في الجلوس، أو شاب لم تدفعهُ همتهُ تقديم مَن هو أكبر منهُ سنًّا في صفوف الانتظار في مكان عام.
مشهد مزري؛ أن تجد عائلة بأكملها من الأب للأم وصغارهم وكبارهم في حديقة عامة أو على شاطئ قد تركوا مكب نفايات خلفهم بالرغم من كثرة تعليمات النظافة والذوق العام في الأماكن العامة.
مشهد مؤسف؛ لمن يحمل الشهادات العليا وبمنزلة معلم/ة أو محاضر/ة أو موظف/ة نجدهم شغلوا بالبشر في حياتهم ودسوا أنوفهم في خصوصيات الغير – الصغير والكبير والفقير والغني والمتزوج والعازب والسمين والنحيل والبسيط وذي البهرجة والسعيد والتعيس والطامح والبائس والضاحك والباكي والكريم والبخيل والمنعزل والعشري والصحيح والمريض، مؤسف أن يحمل العلم من لا يعمل به، الثرثار المتربص المتطفل على أسرار الناس، ومن شغل بالناس عن نفسه وتطويرها ورقيّها، أصبحت الشخصية الراقية الناضجة نادرة الوجود في مجتمعنا.
مشهد مخزي؛ المتشدقون بالسلوك الحضاري المتناسون السلوك الإسلامي الفارغون وهم كُثر، أصحاب البهرجة الزائفة، من لا يتعدى نظرهُ لهيكلك الخارجي من ملابسك الفخمة لماركة حذائك الراقي لساعة يدك الجذابة، غير مكترث لمحتوى عقلك ونمط سلوكك الأخلاقي ومدى فعاليتك لمن حولك.
مشهد مضحك؛ أن نجد ملايين الرسائل التى تصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي الإخبارية والثقافية والعلمية والدينية والأدبية ورسائل تطوير الذات ويستقبلها ملايين البشر في آن واحد، والتي من المفترض أن تُسهم في وعي ونضج فكر المتلقي ورقي أخلاقه وسمو روحه في تعامله مع البشر، نجد هذه الرسائل وسيله ثرثرة بين عامة الناس، الكل عالم وفقيه وصاحب فتوى ومثقف وناقد وأديب ورومنسي وصحافي وخبير تطوير؛ وفي الحقيقة هي لا تتعدى ثرثرة مجلس، وفي الواقع الشيء المضاد المضحك أن هذه الرسائل لم تنمِ عقل ولم تفتح مدارك مغلقة ولم تُحرر روحًا من قيودها ولم تروض نفسًا على ترك عنجهيتها.
نحن في زمن كل شيء به متوفر وسهل الوصول إليه من ملذات الحياة وعلومها ومعارفها وجمالياتها، فأين المتعقل الواعي الناضج المستفيد؟!
رحم اللّٰه أبا الطيب المتنبي القائل:
صحب الناس قبلنا ذا الزمان .. وعناهم من شأنه ما عنانا
وتولوا بغصة كلهم منه .. إن سر بعضهم أحيانا
كلما أنبت الزمان قناة .. كب المرء في القناة سنانا..
ومراد النفوس فيها أصغر .. من أن نتعادى فيه وأن نتفانى