أ.د محمد بن ناصر البيشي
حينما تقيم ما تراه وتستحسنه؛ أو تستقبحه، تحث على فعله أو تحذر منه؛ تراه محرمًا أم مباحًا (عدا ما حرم الله بنص من القرآن أو السنة) فإن ما تقول يعتمد على الزاوية التي نظرت منها للموضوع وقد تكون محقا لأن ما تراه محصلة برمجة تعرضت لها؛ ومعتقدات ترسخت لديك؛ وثقافة حياة اعتدت عليها؛ وأهداف واحتياجات تحتل الأولوية عندك؛ ونمط شخصيتك.
ولهذا لاحظ أننا ننظر لنفس الشي وقد نختلف أو نتفاوت في تفسيراتنا له والأمثلة أكثر من أن تُحصى ومنها:
التنوع في الرؤيا في مجالات منها: الفن؛ والسياحة؛ والتجنيس؛ والرياضة؛ والحرية؛ والإدارة؛ والاقتصاد؛ وحتى الدول والشعوب والأفراد.
وهذا أمر واقع حتى لو لم نرضاه، وقلما يجمع الناس على رأي واحد وإذا أحسنا الظن فيمكن أن نعزو الرأي الذي لا يطابق ما نراه إلى أنه بسبب نظرة وتفكير من زاوية أخرى.
ولأهمية هذا الواقع أقدم بعض الإضاءات لفهم واحترام هذا الواقع وإدارته بشكل جيد ومنها:
(1) المخرجات التي تراها أو تسمعها حول موضوع معين قد تكون بسبب الزاوية التي ركز عليها المرسل والمعروفة (Angels).
(2) حتى لو نظرنا للموضوع من زاوية واحدة؛ يحصل الاختلاف بسبب الفروق الفردية في الشخصيات.
(3) حتى لو حصل توافق في الزاوية والشخصية؛ فقد تتفاوت الأهداف والأجندة.
(4) يوجد أحيانا مصلحة في التنوع في الآراء والطروحات تثري الموضوع وتنمي ملكات النقد والتفكير، وفن الحوار ومهارة التواصل مع الآخرين.
(5) تذكر أن رأى الآخرين في الغالب سلطة معلمة وليست ملزمة وأنت من يقرر ويختار.
(6) اعترف بأن ذلك واقع لا يستطيع أحد تغييره إلا الله كما قال تعالى في سورة النحل: الآية (93)
“وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَٰحِدَةً وَلَٰكِن يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِى مَن يَشَآءُ ۚ وَلَتُسْـَٔلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ”
(7) خفف من الحدة في ردة الفعل، فقد يكون تركيزك على زاوية تخصك وقد تكون مخطئا وتغرد خارج السرب.
(8) حاول أن تفصل بين النص ومن يقوله، فالعسل ناخذه من حشرة، وخصوصًا في المصالح المرسلة وفي الأمور غير الشرعية، وهذا له تطبيقات في الأدب والنقد يتفق معها من يتفق؛ ويختلف من يختلف.
(9) قد تجد راحة عظيمة في فهم تصرفات ومواقف الغير؛ وذلك من خلال الزوايا والمواقف التي تحركهم والتي قد تكون أحيانا جبرية واستخدم سلاح الصمت عما لا يوافق هواك إذا كانت المعطيات تدفع إلى ذلك وكما هو في قول الشاعر:
ولما رأيت الناس حولي جهلاء
تجاهلت حتى قيل عني جاهل
(10) أكثر من قولك ” اللهم أرني الحق حقا وارزقني اتباعه؛ اللهم أرني الباطل باطلًا وارزقني اجتنابه.