في قاعة مُزيَّنة بعَلَم سوريا الموحَّد، التقت أيادٍ كانت مُتنافرةً لسنواتٍ؛ مصافحةٌ بين الرئيس السوري أحمد الشرع؛ وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي؛ تُعلن فصلاً جديداً في تاريخ البلاد. اتفاقٌ غير مسبوق يهدف إلى دمج المؤسسات العسكرية والمدنية التابعة للقوات الكردية مع هياكل الدولة، وسط آمالٍ بتحقيق الاستقرار وإنهاء سنوات من التشرذم.
الاتفاق، الذي أُعلن في دمشق أمس، يُعَدُّ خطوةً جوهريةً لتعزيز الوحدة الوطنية، بموجب بنوده، ستندمج المعابر الحدودية والمطارات وحقول النفط في الشمال الشرقي -الخاضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية “قسد”- مع إدارة الدولة المركزية. هذا التكامل قد يُنهي عقوداً من الإدارة المُجزَّأة للموارد، ويُعزّز فرص إعادة الإعمار في مناطق دمّرها الصراع.
ومن أبرز مكاسب الصفقة تعهّد قوات سوريا الديمقراطية بمحاربة بقايا نظام بشار الأسد؛ ما يُخفّف من حدّة التوترات في غرب سوريا، حيث تشهد المناطق العلوية أعمال عنفٍ مُتصاعدة. والتحالف الجديد يُشكّل درعاً واقية ضدّ محاولات إثارة الفتنة، وفقاً لتصريحات الرئاسة السورية.
عبدي؛ وصف الاتفاق في منشوره على “إكس”، بأنه “بوابة لسوريا جديدة”، مُشيراً إلى أن التعاون مع دمشق سيسرّع المرحلة الانتقالية نحو العدالة، لكن التحدّي الأكبر يكمُن في تفاصيل الدمج العسكري، التي لم تُحدّد بعد.
وعلى الرغم من التفاؤل الرسمي، إلا أن عقبات تظل قائمة؛ فالحكومة المؤقتة ترفض انضمام القوات الكردية ككتلةٍ موحَّدة إلى الجيش، بينما ترفض تركيا أيَّ تعزيزٍ للنفوذ الكردي على حدودها.
في مقابلةٍ مع “رويترز”، أكَّد الشرع؛ أن “العقوبات ستطول كل مَن يهدّد الوحدة الوطنية”، وهذا التصريح يهدف إلى طمأنة السوريين بأن الصفقة ليست مجرد تحالفٍ تكتيكي؛ بل خطوة نحو مصالحةٍ شاملة.
والاتفاق يُشكّل ضربةً قاضيةً لإرث نظام الأسد، الذي هرب إلى روسيا بعد سقوطه في ديسمبر الماضي. فاندماج القوات الكردية -المدعومة أمريكياً سابقاً- مع الدولة قد يُغيّر ديناميكيات الصراع الإقليمي.